فصل: هلاك نصر بن سيار.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.مسير قحطبة للفتح.

وفي سنة ثلاثين قدم قحطبة بن شبيب على أبي مسلم من عند الإمام إبراهيم وقد عقد له لواء على محاربة العدو فبعثه أبو مسلم في مقدمته وضم إليه العساكر وجعل إليه التولية والعزل وأمر الجنود بطاعته وقد كان حين غلب على خراسان بعث العمال على البلاد فبعث ساعي بن النعمان الأزدي على سمرقند وأبا داود خالد بن إبراهيم على طخارستان ومحمد بن الأشعث الخزاعي على طبسين وجعل مالك بن الهيثم على شرطته وبعث قحطبة إلى طوس ومعه عدة من القواد: أبو عون عبد الملك بن يزيد وخالد بن برمك وعثمان بن نهيك وحازم بن خزيمة وغيرهم فهزم أهل طوس وأفحش في قتلهم ثم بعث أبو مسلم القاسم بن مجاشع إلى نيسابور على طريق الحجة وكتب إلى قحطبة بقتال تميم ابن نصر بالسودقان ومعه الثاني بن سويد وأصحاب شيبان وأمده بعشرة آلاف مع علي بن معقل فزحف إليهم ودعاهم بدعوته وقاتلهم فقتل تميم بن نصر وجماعة عظيمة من أصحابه يقال بلغوا ثلاثين ألفا واستبيح معسكرهم وتحصن الباقي بالمدينة فاقتحهما عليهم وخلف خالد بن برمك على قبض الغنائم وسار إلى نيسابور فهرب منها نصر بن سيار إلى قومس ثم تفرق عنه أصحابه فسار إلى نباتة بن حنظلة بجرجان وكان يزيد بن هبيرة بعثه مددا لنصر فأتى فارس وأصبهان ثم سار إلى الري ثم إلى جرجان وقدم حطبة نيسابور فأقام بها رمضان وشوال وارتحل إلى جرجان وجعل ابنه الحسن على مقدمته وانتهى إلى جرجان وأهل الشام بها مع نباتة فهابهم أهل خراسان فخطبهم قحطبة وأخبرهم أن الإمام أخبره أنهم يلقونه مثل ههذ العدد فينصرونه عليهم ثم تقدم للقتال وعلى ميمنته ابنه الحسن فانهزم أهل الشام وقتل نباتة في عشرة آلاف منهم وبعث برأسه إلى أبي مسلم وذلك في ذي الحجة من السنة وملك قحطبة جرجان ثم بلغه أن أهل جرجان يرومون الخروج عليهم فاستعرضهم وقتل منهم نحوا من ثلاثين ألفا وسار نصر من قومس إلى خوار الري وعليها أبو بكر العقيلي وكتب إلى ابن هبيرة بواسط يستمده فحبس رسله فكتب مروان إلى ابن هبيرة فجهز ابن هبيرة جيشا كثيفا إلى نصر وعليهم ابن عطيف.

.هلاك نصر بن سيار.

ثم بعث قحطبة ابنه الحسن إلى محاصرة نصر في خوار الري في محرم سنة إحدى وثلاثين وبعث إليه المدد مع أبي كامل وأبي القاسم محرز بن إبراهيم وأبي العباس المروزي ولما تقاربوا نزع أبو كامل إلى نصر فكان معه وهرب جند قحطبة وأصحاب نصر أصابهم شيء من متاعهم فبعثه نصر إلى ابن هبيرة فاعترضه ابن عطيف بالري فأخذه فغاضبه نصر فأقام ابن عطيف بالري وسار نصر إلى الري وعليها حبيب بن يزيد النهشلي فلما قدمها سار ابن عطيف إلى همذان وكان فيها مالك ابن أدهم بن محرز الباهلي فعدل ابن عطيف عنها إلى أصبهان وبها عامر بن ضبارة وقدم نصر الري فأقام بها يومين ومرض وارتحل فلما بلغ نهاوة مات لإثنى عشر من ربيع الأول من السنة ودخل أصحابه همذان.

.استيلاء قحطبة على الري.

ولما مات نصر بن سيار بعث الحسن بن قحطبة خزيمة بن حازم إلى سمنان وأقبل قحطبة من جرجان وقدم زياد بن زرارة القشيري وقد كان قدم على طاعة أبي مسلم واعتزم على اللحاق بابن ضبارة فبعث قحطبة في أثره المسيب بن زهير الضبي فهزمه وقتل عامة من مع ابن معاوية ورجع ولحق قحطبة ابنه الحسن إلى الري فخرج عنها حبيب بن يزيد النهشلي وأهل الشام ودخلها الحسن في صفر ثم لحق به أبوه وكتب بالخبر إلى أبي مسلم وقد كثر أهل الري إلى بني أمية فأخذ أبو مسلم أملاكهم ولم يردها عليهم إلا السفاح بعد حين فأقام قحطبة بالري وكتب أبو مسلم إلى أصبهذ طبرستان بالطاعة وأداء الخراج فأجاب وكتب إلى المصمغان صاحب دنباوند وكبير الديلم بمثل ذلك فأفحش في الرد فكتب أبو مسلم إلى موسى بن كعب أن يسير إليه من الري فسار ولم يتمكن منه لضيق بلاده وكان الديلم يقاتلونه كل يوم فكثر فيهم الجراح والقتل ومنعهم الميرة فأصابهم الجوع فرجع موسى إلى الري ولم يزل المصمغان متمنعا إلى أيام المنصور فأغزاه حماد بن عمر في جيش كثيف ففتح دنباوند ولما ورد كتاب قحطبة على أبي مسلم ارتحل عن مرو ونزل نيسابور ثم سير قحطبة ابنه الحسن بعد نزوله الري بثلاث ليال فسار عنها مالك بن أدهم وأهل الشام وخراسان إلى نهاوند ونزل على أربعة فراسخ من المدينة وأمده قحطبة بأبي الجهم بن عطية مولى باهلة في سبعمائة وأقام محاصرا لها.

.استيلاء قحطبة على أصبهان ومقتل ابن ضبارة وفتح نهاوند وشهرزور.

قد تقدم لنا أن ابن هبيرة بعث ابنه داود يزيد لقتال عبد الله بن معاوية باصطخر وبعث معه عامر بن ضبارة فهزموه واتبعوه إلى كرمان سنة تسع وعشرين فلما بلغ ابن هبيرة مقتل نباتة بجرجان سنة ثلاثين كتب إلى ابنه داود ضبارة بالمسير إلى قحطبة فسار من كرمان في خمسين ألفا ونزلوا أصبهان وبعث إليهم قحطبة جماعة من القواد عليهم مقاتل بن حكيم الكعبي فنزلوا قم وسار قحطبة إلى نهاوند مددا لولده الحسن الذي حاصرهم فبعث مقاتلا بذلك قحطبة فسار حتى لحقه وزحفوا للقاء داود ابن ضبارة وهم في مائة ألف وقحطبة في عشرين ألفا وحمل قحطبة وأصحابه فانهزم ابن ضبارة وقتل واحتووا على ما كان في معسكرهم مما لا يعبر عنه من الأصناف وذلك في رجب وطير قحطبة بالخبر إلى ابنه الحسن وسار إلى أصبهان فأقام بها عشرين ليلة وقدم على ابنه فحاصروا نهاوند ثلاثة أشهر إلى آخر شوال ونصبوا عليه المجانيق وبعث بالأمان إلى من كان في نهاوند من أهل خراسان فلم يقبلوا فبعث إلى أهل الشام فقالوا أشغل عنا أهل المدينة بالقتال نفتح لك المدينة من ناحيتنا ففعلوا وخرجوا إليه جميعا فقتلوا أهل خراسان فيهم أبو كامل وحاتم بن شريح وابن نصر بن سيار وعاصم بن عمير وعلي بن عقيل وبيهس كان قحطبة لما جاء إلى نهاوند بعث ابنه الحسن إلى جهات حلوان وعليها عبد الله بن العلاء الكندي فتركها وهرب ثم بعث قحطبة عبد الملك بن يزيد ومالك بن طرا في أربعة آلاف إلى شهرزور وبها عثمان بن سفيان على مقدمته عبد الله بن محمد فقاتلوا عثمان آخر ذي الحجة فانهزم وقتل وملك أبو عون بلاد الموصل وقيل إن عثمان هرب إلى عبد الله بن مروان وغنم أبو عون عسكره وقتل أصحابه وبعث إليه قحطبة بالمدد وكان مروان بن محمد بحران فسار في أهل الشام والجزيرة والموصل ونزل الزاب الأكبر وأتوا شهرزور إلى المحرم سنة اثنتين وثلاثين.